بُسطاء كادحون

0 التعليقات
كيفَ لأمنياتهم البسيطةِ أن تكونَ بعيدةَ المدى إلى هذا الحد ؟ 
كيف لنا أن نتخيلَ يوماً من ألأيام أن قمة الحلم , منتهى الحلم وجبة , 
مجرد وجبةٍ تسد الرَمق .. وتحفظ الحياة . 

اليوم أرى الحياة بمنظورهم , أراها بعينِ البُسطاءِ وأدهش .. إذ أجدها برغم بساطتها بكل هذا العمق ..

حوارٌ بسيط جداً دار بيني وبين أحدى بائعات الشاي : 
سألتها , كيف حالك ياخالة 
ردت بأن الحمدلله 
قلت ما أمنيتكِ في الحياة 
ردت , وهل لمن هم مثلي في الحياةِ من أمنيات , نحنُ إذ نتمنى نوأدُ نحنُ ومانتمنى , ممنوعٌ علينا ممارسةَ الحلم أبدا ! 
نظلُ نجري ونكدح مؤمنين بأن الرزق على الله , يوم ناكل ويوم آخر نتلفح الصبر ويتلفحنا وننام على أمل أن يكون الغد أفضل , وإن نتمنى شيء وهو كل ما لنا لنتمناه "السُتره يابتي" الستره أكبر آمالنا . 
وربِك لا ينسى من عباده أحدا .

سألتها : من وين إنتي ياخالتي ؟ 
ردت بأنها من جنوب السودان من مدينة واو وبأنها مسيحية ..
ذُهلت إذ علمت بأنها بكل هذا القدر من الإيمان رغم أنها مسيحية 
هنا قالت هيّ قاطعةً عليّ حِبال الدهشة بأن الدين لله وأن الله في كل الأديان واحد وإن أنت آمنت بربك فلن يُصيبكَ من الدنيا شر . 



يالهذا الحوار يالهذه المرأة ويالكلِ أولئكَ البسطاء ممن هم في مثل وضع هذه الخالة , ليتنا فقط نُدرك أن هذه الحياة أبسط مما نتصور , ليتنا نُدرك أن القيمةَ الحقيقةِ للإنسان لاتُقاس بمظهره وكثرةِ أمواله والترف الذي هو فيه , الحياةُ أبسط جداً مما نتصور نحنُ الأغنياء, وليتنا ندرك كل إنسانٍ بداخلنا قبل فوات الآوان , ليتنا فقط نتقرب من أولئكَ البسطاءَ لنرى الحياة من مكانهم , من منظورهم , ليتنا نحترم البساطة فيهم ونراعي فينا قشور الترفِ الزائلة .


ساميه جلابي

شاركني رأيك

 

جميع الحقوق محفوظة لـ الدرويشة السمراء