عن الأشياء الراسخة في أعماقي منذُ الطفولةِ أتحدث

5 التعليقات

أنا في الثانية من العمر
عن الأشياء الراسخة في أعماقي منذُ الطفولةِ أتحدث :
- أدهمـ صبري "رجل المستحيل" عن كل تلك المغامرات التي عِشتها معه وقلبي يخفق .. يكادُ يخرجُ من مكانهِ , عن صوتِ أمي وهيّ تُنادي عليّ لكنني ومن شِدةِ إندماجي مع أحداثِ الروايةِ , أخالُ أن صوتَ أمِي تربيتةُ إطمئنانٍ لقلبي أن سينجو أدهم من كل الخطر المُحدق به , فهو الذي يجيدث التحدث بعدة لغاتٍ , وهو ضابط المخابرات الذي يجيد إستخدام جميع الأسلحةِ ببراعة . وهو صاحبُ العقلِ الجبار والبصيرة النافذة , وفوق كل هذا هو بطل الرواية وبطلي الذي أُحب .
- عن مجلدت ميكي , وعم دهب , وعم بطوط , عن شمسة ودانة وكل تلك القراءات الرائعة التي شكلت طفولتي , وجعلتني أنا .
- عن حكاوي جدتي "مقبولة " و"طيبة" حجيتك ما بجيتك خيراً جانا وجاكم , فاطمة السمحة وحسن الشاطر والمرعفين , عن الحجاوي التي ملأتني بالتساؤلات لأيام , وترسخت في ذهني لسنين , ونسجت في روحي الأغاني بألحانه والمفردات .
- عن حب الطفولة ذاك الذي لا ينتهي بكل ما فيه من مشاكسات بريئة , بكل مافيه من أحلامٍ وتمنياتٍ عذِبة .
- عن بيتنا القديم , والمطر الذي كان حين يتساقط , نتجمع كلنا بغرفةٍ واحدة لأنها الغرفة الوحيدة الغير آيلةٍ للسقوط , رغم أنها تصب من مكانٍ واحدٍ في المنتصف تماماً مكان المروحةِ التي لا تدور لأنها غير موجودةٍ بالأصل .
- عن الرعد والبرق والمطارحات الشعرية التي غالباً ما تبدأ بعد أن يهطل المطر وتنقطع الكهرباء .. أنا في الرابعة من عمري وأبتدئ المطارحة الشعرية "دُجاجي يلقط الحَبَّ ويجري وهو فرحانُ"
نهاية القافية "ن" يعمنا الصمت لا نجد بيتاً من الشعر يبدأ بال "ن" عبدو أخي الكبير يقول : "كم كم ثم كم كم ثم لا أمل " نضحك قليلاً .. بل كثيراً جداً والقافية تنتهي بحرف ال"الام" والضحك .
- عن الجو صباحاً , الأرض مُبللةٌ صبيحةُ المطر , الطين يملأ الحوش الكبير , نرصف حوش بيتنا من غرفتنا الوحيدة إلى المطبخ , حيث أمي هناك نضِرةً بهية تصنع لنا الخبز والأمنيات " تعد لنا القُراصة بالسمن البلدي " أذكر أننا لم نكن نراعي لتعبها , فكلما كانت تعوس طرقةً كُنا نأكلها "حارّة" وننتظر القادمة , ربما لم نراعي لتعبها لأننا لم نكن نحسهُ , فهيَّ تظلُ مبتسِمة على الدوام , ونحنُ صِغارٌ وجياع , وقد نسيء التقدير , أو ربما أصبناهُ فالأمُ لا تتعب من أبنائها بل تحب أن "تخدمهم برموش عيونها" .
- عن لعبنا بعد الفطور في الشارع , تحت العمود "بِلي - زِرار - كمبلت " وعن أنني البنتُ الوحيدة التي تلعب وسط كل هؤلاء الصبية من أبناء الحي , أنا الوحيدة لكن بجانبي ثلاثةُ رجالٍ ما أروعهم , ما أبهاهم , إخوتي "معتصم -عبدالرحمن -عرفات" أنا الصغيرة وهم الكِبار .. لا شيء يحدثُ لي وأنا معهم .. لا شيء يحدثُ لي فهم دوماً معي .

‫#‏عن‬ أشيائي منذُ الطفولة "1"

ــــــــــــــــــ
الصورة : أنا "زمـــــــــــان"
المكان :سنار المدينة 1990م
  • غير معرف يقول...

    رائعة ومبدعة وفيلسوفة حفظك الله اينماء حللتي ونفتخر انك سودانية يا بنت بلدي

شاركني رأيك

 

جميع الحقوق محفوظة لـ الدرويشة السمراء