كتاب درب القمر / فؤاد سليمان

0 التعليقات
العنقـــود الأخيـــر
كان عندنا، في بلاد الجبل، أشياء حلوة ثمينة… لم نكن نعرف قيمتها، حتى انطفأت وراحت، وراحت معها الحياة الخيّرة في بلاد الجبل.
وما يدري أحد هل يعود الخير الى الجبل اللبناني ؟
وهل تعود السعادة ؟
*
أثمن ما كان عندنا، شيوخنا المباركون… حقاً كان هؤلاء بركة في حياتنا… لا الجوع عرفناه في أيامهم ولا العري.
كانت صناديقنا ملأى بالحبوب وبجميع خيرات الأرض.
وكانت خزائننا الكبيرة مكدّسة بأثواب الحرير.
وكانت الأرض سخية في أيامهم، وقلوبهم سخية في محبة الأرض.. وأيديهم لا تعرف غير العطاء..هم يعطون واللّه يملأ بطن الأرض بالخيرات ويعطيهم…
فيضي يا أرض، فيضي واملأي البيوت قمحاً ودبساً وعسلاً وخمراً وزيتاً وزيتوناً….
*
هل أقص عليكم حكاية أولئك المباركين ؟ ! ومن في الناس، لا يعرف حكايتهم…حكاية البركة…
لولاهم لما نبت في أرض لبنان دالية خضراء، ولا شجرة زيتون، ولا شجرة توت… لولاهم، لظلت أرض لبنان صخراً ووعراً، لا يطلع فيها غير الشوك…!!
*
هؤلاء راحوا…لم يبق منهم في بلاد الجبل، غير السكة المكسورة والمعول المهجور…
*
….والفلاح الأخير في ضيعتي مات من سنة…بعده لم يبق في ضيعتي فلاحون أقوياء، يشدّون السكة في تراب الأرض اليابس، فتغرز السكة الى العمق، تحت الأكف الغليظة…
كان فلاحاً أصيلاً، تعمقّت جذوره في الأرض، فامتدت الأرض الى كل شريان فيه.

شاركني رأيك

 

جميع الحقوق محفوظة لـ الدرويشة السمراء